بيان حول الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني.

 

بيان صادر عن الشبكة العربية للتربية المدنية "أنهر"

حول الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة

 

تؤكد الشبكة العربية للتربية المدنيه "أنهر" بصفتها منظمة حقوقية تنموية وتعمل في مجال حقوق الإنسان، وتسعى إلى تطبيق المعايير الدولية الإنسانية لحقوق الإنسان، بأن الانتهاكات التي يقوم بها الكيان الصهيوني المحتل في قطاع غزة وفلسطين المحتلة تمثل جرائم حرب ضد الإنسانية هدفها القضاء على المدنيين، وتمثل انتهاكًا مباشرًا للشرعية الدولية ومعايير القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.

 

اننا ومع استمرار وتصاعد العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، ما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى من المدنيين الأبرياء بمن فيهم النساء والأطفال والكوادر الطبية والصحفيين، إضافة الى التدمير المتعمد للمباني والمستشفيات والمدارس وأماكن العبادة ومنشآت الأمم المتحدة ومختلف الأعيان في غزة والضفة الغربية. بالاضافه الى تواصل الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين وسط دعم وصمت دولي غربي للإبادة الجماعية والإهدار الكامل للحقوق الإنسانية التي يرتكبها الكيان الصهيوني، نرى أن ما يحدث يشكل خطرا محدقا بحق البشرية ويفقد القانون الدولي شرعيته ومصداقيته امام كل شعوب العالم، حيث تبدو الحركة الحقوقية العالمية أمام تحول حقيقي قد يهدد بتقويض المبادئ الأساسية القانونية التي يقوم عليها هذا النظام الدولي الحالي، فـبعد أكثر من شهر على استخدام الكيان الصهيوني إستراتيجية العقاب الجماعي، وارتكابه أوضح صور جرائم الإبادة الجماعية غير الانسانية وجرائم الحرب، بحسب وصف منظمات حقوقية دولية مثل "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "العفو الدولية" وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية، تقف المنظومة الدولية بهياكلها وأجهزتها القضائية عاجزةً عن ردع هذه الجرائم وملاحقة مُرتكبيها.

ان الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 2007، وارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات مستمر منذ ذلك الحين.. فأين قوانين حقوق الإنسان من كل هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال؟

 

إن التساؤل يُطرح في كل مرة تتكرر فيها هذه الجرائم حول ما إذا كانت المنظومة الدولية لحقوق الانسان والإجراءات الدولية تقوم فعلا على أساس أخلاقي وقانوني وإنساني مجرّد لا يميّز بين جنس الضّحايا والجناة ولا دينهم أو عرقهم، أم أنها في الواقع تقوم على أساس معايير انتقائيه وتمييزيه مزدوجه وتمثل إحد أدوات القوة التي فرضته القوى المهيمنه، وتسعى لتوظيفها بشكل انتقائي كوسيلة ضغط في علاقاتها مع بقيّة الدّول.

 

ان حالة الانتهاك الصارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني والمنظومة الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان واتفاقيات ومواثيق حقوق الانسان بما فيها الاعلان العالمي لحقوق الانسان في غزة أمام صمت المجتمع الدولي وعجز مؤسّساته عن ردع جرائم الاحتلال الصهيوني، تضع هذه المنظومة الدوليه على المحك حيث لم يترك الاحتلال الصهيوني جريمة واحدة من الجرائم التي نصّ عليها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدّولية، ولا تلك التي نصّت عليها اتفاقيات جنيف الأربع، إلا وارتكبها. فقد مارس جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضدّ الإنسانية، وجرائم الحرب، والتهجير القسري، واستهدف المستشفيات والمرافق الصّحية ودور العبادة، والمدارس وفرض الحصار غير الإنساني على قطاع غزة، وحرمان السكان من الضروريات المعيشية الأساسية، بما في ذلك الوقود والماء والغذاء والدواء، وقصف المناطق التي أعلن هو نفسه بأنها "آمنة"، بالاضافه الى استهداف الصحافيين وطواقم الإسعاف وشاحنات الإغاثة، ما يشكل عقابا جماعيا وجريمة حرب وانتهاكاً لكل المنظومه الدوليه لحقوق الانسان.

 

 

 

ينطلق نظام روما الأساسي المتعلّق بالمحكمة الجنائية الدولية من التأكيد على أن الدّول الأطراف تضع في الاعتبار بأن "ملايين الأطفال والنّساء والرجال قد وقعوا خلال القرن الحالي ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزّت ضمير الإنسانية بقوة"، ولذلك تُعرب هذه الدّول عن عزمها على "وضعِ حدّ لإفلات مُرتكبي هذه الجرائم من العقاب، وعلى الإسهام بالتالي في منع هذه الجرائم"، وهكذا يتولّد الانطباع بأن هذه العبارات تنطبق تماماً على وضع العدوان على غزة حالياً، ويتأكّد هذا الانطباع عندما نستعرض نص المادة الخامسة من النظام الأساسي التي تحدّد الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وهي: جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم العدوان.

وفيما يتعلّق بجرائم الحرب تحديدا، فإن المادة الثامنة من نظام روما الأساسي المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية في فقرتها (أ) نصّت على أن من بين هذه الجرائم: تعمّد توجيه هجمات ضدّ السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرةً في الأعمال الحربية، وتعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي تلك المواقع التي لا تشكّل أهدافاً عسكرية، وكذلك تعمد شنّ هجماتٍ ضد موظفين مُستخدمَين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدَمة في مهمّة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السّلام. وأيضاً تعمّد شن هجومٍ مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضررٍ واسع النّطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.

أن الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تنطبق بشكل دقيق على ما يقوم به جيش الاحتلال في غزة مما يعيد الى الأذهان طرح ذلك التساؤل حول ما إذا كانت مبادئ القانون الدولي تعبّر عن قانون القوة أم عن قوة القانون.

كما يعتبر التهجير القسري للسكان هو جريمة حرب تخالف أحكام اتفاقية جنيف، وتحديدا المادة الرابعة المعنية بحماية المدنيين، وتخالف كذلك أحكام المادة السابعة من قانون المحكمة الجنائية الدولية.

 

ويسجل العدوان على غزة تعاظم الشعور العام دوليا بتراجع الحماية القانونية للحريات العامة وفشل المؤسسات والكيانات الحكومية وشبه الحكومية في الغرب الالتزام بمعايير متساوية في احترام الحريات وحقوق الإنسان.

 

لم تعد بيانات الإدانة والشجب والإستنكار تكفي لردع الاحتلال الصهيوني عن الجرائم ضد الانسانية التي يقوم بها، فقد اظهرت جرائم الاحتلال الإزدواجية في الموقف العالمي لإدانة وإيقاف هذه الانتهاكات من خلال عدم حماية المدنيين وخرق جميع الالتزامات القانونية والإنسانية. وبهذه الممارسات أصبح هناك شعوباً خلف الركب، بما يخالف التزامات دول العالم والمنظمات الدولية في العمل على تنفيذ تعهداتها والتزاماتها في العمل الإنساني والقانوني نحو التنمية المستدامة.

 

اننا كمنظمة مجتمع مدني ومع استمرارنا بالالتزام بمعايير حقوق الإنسان، ندعو الى العمل على وقف آلة القتل، ومحاسبة مجرمي الكيان الصهيوني وعدم افلاتهم من العقاب. ونرى ضرورة إعادة النظر في كل منظومة حقوق الإنسان واستحقاقها في ظل ازدواجية المعايير المخجلة حيال حقوق الشعب الفلسطيني، ونؤكد على تضامننا مع قضايا الشعب الفلسطيني المشروعه في الدفاع عن أرضهم المحتلة وحماية المدنيين، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.