أنا موزة عزبي فريحات، صحفية وناشطة مجتمعية من محافظة عجلون، انخراطي في مجال الصحافة حمّلني مسؤولية نشرهموم وقضايا مجتمعي وأبناء منطقتي بشكل خاص. انتخابي عضو في بلدية كفرنجة لثلاث دورات متتالية عزز لدي المسؤولية بالعمل على القضايا والاحتياجات المجتمعية لمنطقتي، وكنت أسأل نفسي دائماً على مدار السنوات الطويلة التي عملت بها، إلى متى سأبقى متحفزه لتغطية أحداث تخص سكان بلدة راجب الخاصة بالصحه وإلى متى سأبقى أعيش معاناتهم!في كل مره أتذكر فيها قصتي مع الألم وهي قصة أحد جاراتي التي أغمي على ابنها ولم تستطع انقاذه لأن دوام الكوادر الصحية في مركز صحي راجب كان قد انتهى، مما اضطرنا إلى نقل الشاب إلى اقرب مركز صحي آخر، ولكن للأسف كان قد فارق الحياة. أتذكر وقتها حجم الألم الذي عانيت منه، لا زلت مصممه أن توفير الرعاية الصحية في منطقة راجب ليست ترف، وانما حق لا زلنا مؤمنين به .
وتعتبر بلدة راجب التابعة لمدينة كفرنجه من المناطق النائيه والبعيده، والتي تعاني من نقص في الخدمات الأساسية، منها الصحية بشكل رئيسي وعدم توفر مركز صحي شامل يلبي احتياجات المواطنين من الخدمات. يوجد حاليا مركز صحي أولي تأسس عام 1976 ويقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية، ضمن برنامج القرى الصحية، والمركز الحالي لا يفي بالغرض، كونه يخدم تجمعات سكانية كبيرة في ثغرة زبيد ودبة ام البطم والخرابة ودحوس وكعب الملول .وتقع ساعات الدوام في المركز في حدودها القصوى من 3 – 4 ساعات يومياً، الأمر الذي يضطر سكان بلدة راجب الى الذهاب الى المراكز الصحية في كفرنجه وعجلون وهذا يشكل عبئا عليهم، كون المسافة كبيرة بين راجب وأول مركز صحي في مكان اخر .الى جانب ذلك لا تتوفر في المركز جميع الخدمات الصحية الضرورية، مما يؤدي الى تحويل المراجعين لمستشفى الإيمان الحكومي، حيث أن المركز الحالي ينقصه العديد من الاقسام، ومنها المختبر والعديد من المستلزمات الضرورية لخدمة المراجعين .
كل هذا دعاني وعدد من سيدات جمعية وادي راجب التعاونيه وزميلتي القيادية السيدة ناديا العنانزة بتنظيم مبادرة تسعى إلى تنظيم المجتمع والسيدات من حولنا للتأكيد على أهمية الحصول على حقوقنا الصحية وفهم المشكلة كلها من الناس وشرحها وتوثيق السياسات المتبعة من قبل الحكومة المتعلقة بالصحة في بلدة راجب والبحث مع الناسعن أفضل الحلول والسياسات البديلة التي من الممكن تبنيها وتطبيقها والضغط على اصحاب القرار المسؤولين عن المركز الصحي بمنطقة راجب من أجل ذلك.
مبادرة "صحتك بتهمنا" والتي تنفذها الجمعية بالتعاون مع انهر وهيفوس، تتطلب الوقوف على مشاكل القطاع الصحي في بلدة راجب وخصوصاً أن راجب نائية وبعيدة، وتعاني من نقص الخدمات الاساسية الصحية.تم عقد عدد من اللقاءات مع سيدات المجتمع وأبناء المجتمع المحلي والقيادات المجتمعية بدايةً لفهم همومهم وأهم مشاكل الخدمات الصحية ومقترحات الحل التي يرونها ملحة.
كانت من أهم اللحظات هي تواصلنا مع السيدات من أهالي المنطقة في جلسات خاصة وأماكن مناسبة لهن، حيث أكدنأن الالتزام بساعات الدوام المحددة هو مطلب أساسي لهن جميعاً، وطالبن بالإضافه الى ذلك أن يتم تمديد ساعات العمل إلى الساعه الرابعة .
قمنا بتشكيل لجنة محلية مسانده للحملة، والتقينا مع مدير صحة عجلون وأصحاب القرار من أعضاء مجلس محافظة عجلون، ونواب المنطقة، ومدير مركز صحي راجب، وعدد من الكادر الوظيفي في المركز، للوقوف على السياسات المتبعة الحالية والمخطط لها مستقبلاً خاصه ان وعوداً ببناء مركز صحي شامل في بلدية راجب لا زالت تنتظر التحقيق. وطالبنا في المرحلة الحالية تفعيل الالتزام بساعات الدوام الأساسية وتمديده الى الساعة الرابعة من أجل تخفيف الأعباء على المراجعين وتوفير الوقت والجهد عليهم.
كذلك قمنا بتنفيذ حملة إعلامية لنشر الوعي حول حق المواطن بالحصول على الرعاية الصحية، وحقه بأن يقدم المركز خدماته لفترات اطول.بعد لقاء تشاوري مع أهالي المنطقة ومع المسؤولين، قمنا بوضع مجموعة من المطالب وإرسالها الى وزير الصحة من خلال نائب المنطقة وبواسطة مدير صحة عجلون تتضمن مايلي:
- ضرورة تمديد ساعات الدوام
- تخصيص طبيب عام وطبيب أسنان
- توفير العلاجات الضرورية المزمنة الشهرية حسب احصائية عدد المرضى
- المطالبة بأخذ عينات المختبر حتى وقت متأخر
- تفعيل قسم الطوارئ
تم التنسيق مع مجموعة من الصحفيين لمساندة هذه المطالب ونشرها لتشكيل ضغط فاعل على مديرية الصحة للاستجابة لهذه المطالب.
تجدر الاشارة أننا واجهنا خلال التنفيذ، مقاومة من العاملين في المركز الصحي وفي المديرية، الا أن الحشد المجتمعي والحملة الإعلامية ساعدتنا بالضغط أكثر على أصحاب القرار.
هذه التجربة مكنتنا من المضي قدماً مما ولّد لديّ شعوراً بأن دوري كامرأة قيادية مهمة لتحقيق المطالب المشروعة كما أعطتني شعوراً بأني أملك سلطة مثلي كصانع القرار لأني صاحبة حق، ومن حقهاإيصال صوتها لصناع القرار، كما زادت هذه المبادرة من قدرتي ومهاراتي في التشبيك مع أصحاب القرار، ومن التواصل مع النواب وتفعيل دورهم ومساءلتهم، كما عززت هذه المبادرة لدى السيدة ناديا العنانزة القناعة بأن المطالبة بالحقوق الأساسية هو مسؤولية مجتمعية تتطلب من الشخص المبادرة وعدم الانتظار.
وفي لقاءاتنا مع مدير صحة محافظة عجلون أكد للمبادرةأن المديرية على استعداد للتعاون من اجل تلبية هذا المطلب، و سيتم تمديد ساعات الدوام مبدئياً لغاية الساعة الثالثة كما سيتم المتابعة من اجل تمديده لغاية الساعة الرابعة.واطلع على واقع الخدمات التي يقدمها المركز لسكان البلدة، واستمع لملاحظات العاملين ومطالب السكان.
كما وأكد مدير مركز صحي راجب وعدد من الكادر الوظيفي في المركز أمام ابناء المجتمع المحلي والصحفيين والاعلاميين،اهتمامه في تمديد الدوام في المركز والوقوف المطالب التي تتعلق بالقضايا الصحية الملحة.
وتم التأكيد من قبل أهالي المنطقة على ضرورة الاسراع في الوقت نفسه بإقامة مركز صحي شامل ضمن الخطة التنموية للمحافظة والمشروعات وضرورةتخصيص المبالغ المالية من موازنة المحافظة خلال العام القادم بعد موافقة مجلس المحافظة على ذلك.
اليوم وبعد الجهد الطويل والعمل الدؤوب، أصبحت مديرية الصحة في عجلون ووزارة الصحة على علم بهذه المطالب وعلى وعي تام بجدية أهالي المنطقة بالاستمرار في المطالبة بحقهم إلى أن تتحقق مطالبهم. أصبح موظفو المركز الصحي أكثر التزاما بأوقات الدوام نتيجة الضغط المجتمعي، كما لا زلنا ننتظر موافقة وزير الصحة على كتاب المطالب الذي تم إرساله من قبل أهالي المنطقة عن طريق نائب المنطقة.
للاطلاع على الفيديو اضغط هنا