أنا سامية سعود البلعوس من قضاء الأزرق، ناشطة مجتمعية، أسعى من خلال شغفي وعملي كرئيسة لجمعية سيدات الأزرق التعاونية إلى صنع تغيير حقيقي في حياة النساء من حولي وفي مجتمعي، حاولت دوما أن أكون أذناً صاغية لمطالب أهالي منطقتي، وأن افعل ما بوسعي لأكون جزءاً من الحل، فخلال فترة اللجوء السوري، تطوعت لتدريب العديد من النساء السوريات على بعض الحرف ليتمكنوا من تأمين قوتهن اليومي، ولم أنتظر أي مقابل، فأنا أؤمن بالمسؤولية الفردية وقدرة كل شخص فينا أن يكون بذرة خير.
من أكثر القضايا التي كانت ولا زالت تؤرقني في قضاء الأزرق عدم توفر قسم ولادة في المنطقة، فلا زلت أذكر قصص النساء اللاتي فقدن أجنتهن على الطريق وهُنَ يحاوِلن الوصول لأقرب مركز ولادة، ولا زلت أرى الخوف في عيونهن وعلى وجوه الحوامل من أن يحين وقت الولادة خلال ساعات الليل وهُنً لا يمتلكن سيارات خاصة، والخوف من أن يتأذين هُنَ وأجِنتَهِن على الطريق الطويل من بيوتِهن لأقرب مركز ولادة، ذلك الخوف كان يمتد لقلبي وأشعر بمسؤولية تجاههن واتجاه نفسي واتجاه كل أم في المنطقة، فقررت أن أبادر لإيجاد حل لهذه القضية.
قمت بالعمل مع سيدات قياديات من المنطقة لتنفيذ مبادرة مجتمعية بدعم من مؤسسة أنهُر وهيفوس، حيث بدأنا حملةً لِلحَشد المجتمعي وكسب التأييد للمطالبة بإنشاء قسم ولادة في الأزرق، فقد أردنا التأكيد على الحق في الرعاية الصحية المناسبة وخاصة للسيدة الحامل وجنينها وحماية حقِهن في الحياة وعدم جعلهن عرضة للوفاة. بدايةً قمنا بجمع المعلومات حول عدد حالات الولادة في المنطقة بشكل عام وعدد حالات الولادة التي تحدث في الطريق قبل الوصول إلى أقرب مستشفى في المحافظة، وحالات الوفيات عند الولادة للأم أو الطفل من جراء صعوبة الوصول أو تأخره، كم عن عدد الإعاقات والأضرار التي ربما تلحق بالأم أوالطفل، ليكون مطلبنا مبني على بينة واطلاع. تواصلنا مع أهالي المنطقة ليكون لنا قاعدة شعبية تدعم مطالبنا، وقمنا بالتوقيع على عريضة من 280 شخصاً، كما وتم تنظيم مجموعة من جلسات حشد منزلية للتواصل مع سيدات القضاءوحشد جهودهن لمناصرة الحملة، كما قمنا بالتشبيك مع بعض المسؤولين وأصحاب القرارحيث تواصلنا مع نائب القضاء، مع أعضاء اللامركزية، أعضاء المجلس البلدي ورئيس البلدية وتواصلنا إلى وزير الصحة الذي وعد أن يخصص ميزانية لإنشاء مستشفى تضم قسم ولادة في القضاء، وما زلنا نتابع الموضوع حتى يصدر قرار مكتوب يؤكد هذا الوعد.
خلال هذه الرحلة من المناصرة وكسب التأييد والحشد المجتمعي والتواصل مع المسؤولين، تعلمنا نحن كفريق الكثير:
أولا: انتشر بيننا المفهوم الحقوقي، لأننا أدركناأننا نطالب بحق شرعي وليس فضل أو منة من أي مسؤول فاختلفت اللغة التي نستخدمها وأصبح فريقنا يعمل بشغف وبتعاون كبير وبتنا مضرباً للمثل كجمعية، وأصبح من لديه أي مطلب حقوقي، يطرق باب جمعيتنا المفتوح دوما لكافة أهالي القضاء، فتشكلت لدينا قاعدة شعبية وثقة كبيرة من الأهالي لما رأوه من عزيمة وإصرار لدينا على إكمال المشوار.
ثانياً: ساهمت مبادرتنا بكسر ثقافة العيب حول الاختلاط، ففريقنا كان يضم شباباً وفتيات من مختلف الطوائف في الأزرق، وكانوا يعملون معاً بروح الفريق الواحد، يجمعهم الاحترام والتقدير والهدف المشترك.
ثالثاً: على الصعيد الشخصي، أمدتني هذه المبادرة بمهارات قيادية أساسية، كترتيب الأولويات، معرفة كيف أبدأ ومن أين أبدأ بتنفيذ أي فكرة، كما صار لدي القدرة على قيادة فريق لتحقيق هدف مشترك، وأمدني بالعزيمة والإصرار لعمل ما فيه فائدة لمجتمعي.
واليوم وبعد سنة كاملة من العمل الدؤوب، حصلنا على قرار بتخصيص ميزانية لإنشاء مركز ولادة في الأزرق كما أخذت الجهات المعنية دونم أرض من خزينة الدولة لهذا الغرض، وسنبقى مستمرين بمطالبنا وبإيصال صوت أهالي المنطقة إلى أن نرى هذا الحلم واقعاً وكما يقول المثل "ما بضيع حق وراه مطالب".
للاطلاع على الفيديو اضغط هنا