اسمي جميلة الجازي، اسم تحدى كل الصعاب في البادية الجنوبية، وتحديداً في قضاء اذرح التابع للواء قصبة معان في محافظة معان جنوب الأردن.عشت ظروفاً صعبة،وكنت أكبر إخوتي من الذكور والإناث، 8 فتيات و3 ذكور، كان دخل والدي قليلاً لايسد الرمق، فبدأت بالعمل مع والدي في الزراعة من عمر 15 سنة، كنت مشرفة على العمال في أرض مساحتها 100 دونم، فزرع فيّ والدي بذلك حب القيادة منذ الصِغر، تزوجت وأنجبت 4 بنات وولدين، وكنت خلال هذه الفترة عاطلة عن العمل، فلم يكن هناك فرص عمل في البادية للسيدات، حيث أن معظم فرص العمل المتوفرة هي في مجال السياحة والفندقةنظراً لطبيعة المنطقه السياحية، و للأسف عمل الفتيات في هذه المجالات غير مقبول مجتمعياً، ولم يكن هنا جمعية للسيدات، فقررت أن أبادر وأن أتحدى الوضع القائم وأن أعمل على تغييره، قمت بإنشاء جمعية للسيدات فقط، تهدف لتمكين المرأة اجتماعياً واقتصادياً من خلال العمل الجماعي والجهد النسوي المشترك إيماناً مني أن التمكين ولا سيما الاقتصادي يسهم في إعطاء النساء فرصة لتحقيق الذات والإسهام في تنمية المجتمع. لكن لا تزال الصورة النمطية لعمل المرأة في مجال الفندقة التي كرست ثقافة العيب تجاه هذا النوع من التخصصات للفتاه تقف عائقاً أمام العديد من الفتيات في المنطقة من الدراسة والعمل في هذا المجال رغم وجود كلية السياحة والآثار، التي تفتح أبوابها لمن حالفهم أو لم يحالفهم الحظ في الثانوية العامة.لا تزال الفتيات في المنطقة تعملن في المزارع وفي مهن مجحفة بحقهن.
لذا هدفت مبادرتنا "قوي قلبك، كلنا معك" إلى تمكين الفتيات من الحصول على حقهن في تعليم وتدريب مناسبين يؤهلهن للعمل بوظيفة تحفظ لهن حقوقهن وتساهم في تغيير النظرة المجتمعية السائدة على أن التعليم الفندقي غير مقبول للفتيات. في البداية عقدنا عدة جلسات منزلية مع أهالي المنطقة لمناقشة القضية وقد وجدنا دعم وتشجيع كبير من النساء للفكرة وبالأخص حول ضرورة تغيير الصورة النمطية لعمل الفتيات في مجال الفندقة خاصة أن العاملين فيهيحصلون على جميع حقوقهم من الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي. وحسب ما ذكرت بعض السيدات في الجلسة، أنه حتى لو وافق الأب والأسرة على دراسة الفتاة وعملها في هذا المجال، إلا أن الخوف من كلام الناس و نظرة المجتمع لهن يمنعهن من الموافقة على ذلك. من هنا بدأنا بجمع المعلومات حول هذه المهن والفرص والمنح المتاحة في مجالات الفندقة وقمنا بعمل ورشات وجلسات توعوية حول هذه التخصصات وقد وجدنا تجاوب كبير من أولياء الأمور وتعطش للحصول على معلومات أكثر، لذلك طلبنا من كلية الآثار، فتح مكتب ارشادي وتوجيه فندقي داخل الجمعية ليقدم المعلومة الصحيحة للأهالي والإجابة عن استفساراتهم. خاطبنا عميد كلية السياحة ومدير مركز التدريب الفندقي وحصلنا على الموافقة كما خاطبنا المجلس البلدي، ومجلس اللامركزية، والحاكم الإداري لدعم المبادرة مادياً ومعنوياً، ونجحنا في إقناع المجلس المحلي بوضع مخصصات مالية في المستقبل لمساعدة الفتيات اللواتي يدرسن في هذا المجال، كما عززنا مهارات الإقناع والحوار والنقاش لدى الفتيات لإقناع أولياء الأمور برغباتهن والتخصصات التي يردنها. من ناحية أخرى وعلى المستوى الشخصي، فقد اكتسبت ثقة ومصداقية أكبر من قبل أهالي المنطقة، وأصبحت الجمعية مركزاً يتوجه له أهالي المنطقة وبالأخص السيدات لمناقشة قضاياهن، كما وحرصت على ان اكون نموذجاً للنساء في منطقتي، فعندما اشتريت سيارة سألوني "هل هي باسم زوجك" ، فأجبت "لا هي سيارتي اذا هي باسمي"لأنه من الضروري أن نمكن المرأة من التحكم بمواردها وقرارتها وتحدي العديد من الأنماط التقليدية.
أثمرت هذه المبادرة في توعية المجتمع وتحدي ثقافة العيب، حيث قامت 10 فتيات بالتسجيل في المعهد لدراسة الفندقة من ضمنهن احدى بناتي التي سجلت لدراسة الادارة السياحية، كما تم فتح مكتب إرشادي وتوجيه فندقي داخل الجمعية في قضاء أذرح ليشجع الطلاب على دراسة هذه التخصصات ويقدم المعلومة الصحيحة للأهالي ويجيب عن استفساراتهم حول تخصصات الفندقة، كما تمت موافقة مجلس اللامركزية ورئيس البلدية لوضع مخصصات مالية لابتعاث خمسة عشر فتاة من البادية، مدفوعة الرسوم والمواصلات لكلية الاثار والسياحة في البتراء، كما تم تعيين 25 فتاة للعمل بالفنادق متجاوزين بذلك الكثير من التحديات المجتمعية وثقافة العيب.
للاطلاع على الفيديو اضغط هنا