اسمي روان الشوابكة، وأنا من سكان مادبا. بعدما انهيت مرحلة الثانوية العامة، لم أتمكن من إكمال دراستي في حينها، إلا أن رغبتي بأن أكون عنصر تغيير في مجتمعي دفعني إلى العمل التطوعي حيث عملت كمتطوعة في مؤسسات شبابية تعمل على خدمة المجتمع.
التطوع جعلني أدرك ان نقطة البداية تكمن في نفسي، في تحدي ظروفي من خلال تطوير ذاتي، كمازرع لدي قناعة بأن التغيير يبدأ بخطوة، وأن الأساس هو عدم الانتظار، بل التحرك والمبادرة لتغييرالوضع القائم نحو الأفضل، لذا كنت من المبادرات مع مجموعة من الصبايا والشباب في مادبا وأسسنا جمعية (مادبا بعيون شبابها) لنكون نواة تغيير فيما يخص القضايا الشبابية والسياسية في المحافظة.عملت من خلال الجمعية على عدة مشاريع مهمة، وأصبحت سفيرة لدى منظمة الفاو العالمية، كان حافزي ورسالتي دوماً أن فرصاً كبيرة كامنة يمكن العمل عليها في محافظة مادبا، فطبيعتها وجمال مناطقها وأوديتها تخلق فرصاً سياحية واقتصادية كبيرة، ونحن بحاجة للفت الانتباه اليها، كان ذلك الحافز الذي يحركني للقيام بمبادرات وبرامج مجتمعية، كون مناطق لب ومليح تتميز بطبيعة حرجية جميلة لكن طريق الوصول غير معبدة مما يشكل لنا تحدٍ كبير كأهالي أولاً وللسياحة ثانياً حيث كان يحرمنا من الاستمتاع والتنزه فيها، ومن تحقيق فرص اقتصادية تتم من خلال الاستثمار بها كوجهة سياحية، لطالما كانت هذه القضية محور اهتمامي، وبعد نقاش طويل قررت وزميلتي هنادي القطيش التحرك والبدء بأول خطوة للعمل على هذه المبادرة، واطلقنا عليها مبادرة "طريق".
"طريق" مبادرة هدفت إلى العمل على الحشد المجتمعي للضغط على أصحاب القرار لشق طريق يؤدي إلى المناطق الحرجية، في قرية لب وقرية مليح التابعة للواء ذيبان في محافظة مادبا.
وللعمل على تنفيذ الفكرة، أردنا بداية معرفة مدى حاجة وتأييد المجتمع المحلي لهذه المبادرة، فقمنا بعقدعدة لقاءات منزلية مع السيدات في المنطقة، وقمنا بطرح الفكرة في إحدى أنشطة المجلس الشبابي الموازي لمادبا أمام الحضور، من سيدات ورجال، وجدنا دعماً وتأييداً كبيرين للفكرة من مختلف الفئات من أهالي المنطقة.بدأنا بالتواصل مع أصحاب القرار، كان من الصعب في البداية معرفة الجهة المسؤولة: البلدية، مديرية الزراعة، أم مديرية الأشغال العامة؟! قمنا بطرق جميع الأبواب والتواصل مع رئيس البلدية ومدير القضاء ومدير الزراعة والمراكز الشبابية والمجالس المحلية وأعضاء اللامركزية، مما زاد معرفتنا بصلاحيات كل جهة، ومدى الامكانيات المتاحة لدعم مطالبنا الى أن توصلنا لنتيجة مفادها أن فتح الطريق المطلوبة يقع ضمن اختصاص وزارة الزراعة (مديرية الغابات)، بدأنا بالضغط على مديرية الزراعة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والحشد المجتمعي والعرائض والإعلام، وركزنا على استخدام المصطلحات الحقوقية، فنحن نطالب بحق الترفيه لأهالي المنطقة بدون مِنة من أحد.
في نفس الوقت، استمرت متابعتنا مع البلدية والتي كانت داعمة لمطالبنا منذ البداية، بهدف إستملاك أرض او إستئجار أرض لمدة 10 سنوات لتحويلها إلى حديقة، تواصلت البلدية مع وزارة البلديات ورئاسة الوزراء لهذه الغاية، وسنستمر بالمتابعة إلى أن يتم إنشاء الحديقة، حيث أننا نعلم أن هناك منحة مقدمة من قبل الديوان الملكي الهاشمي بقيمة 50 الف دينار إلى بلدية لب ومليح لانشاء حديقة ترفيهية تخدم المجتمع المحلي.
خلال هذه الرحلة، تعلمنا الكثير أنا وزميلاتي اللواتي عملن على المبادرة، شعرنا بمعنى المسؤولية المجتمعية، وزادت قدرتنا على التعبير والتواصل مع مختلف الفئات، وكما تقول زميلتي هنادي القطيش: "تعلمنا الصبروعدم الوقوف والاستسلام أمام أي تحديٍ"، وعلى مستوى جمعيتنا، زادت ثقة أهالي المنطقة وأصحاب القرار بالجمعية، وأصبح هناك إقبال أكبر من السيدات في المنطقة للتواصل والعمل مع الجمعية لإيمانهن بمنهجية عملها ومصداقيتها خلال تنفيذ مبادرة" طريق".
سنستمر بالعمل إلى أن يتم تخصيص أرض من وزارة الزراعة لتنفيذ المبادرة، ومخصصات لتعبيد الطريق إلى المناطق الحرجية، لكن بلا شك الخبرات التي اكتسبناها وتجربة أهالي المنطقة في كسب التأييد لمطالبهم هي بحد ذاته نجاح يحتذى به.
للاطلاع على الفيديو اضغط هنا